Tuesday, August 21, 2007

طباخ السم بيدوقه

بقلم : ممدوح أحمد فؤاد حسين
قرار رئاسي بمنع تعين أبناء العاملين الفقرات التالية من حوار السيد اللواء رئيس أكاديمية مبارك للأمن مع الأهرام يوم الجمعة 17 أغسطس 2007 .
( عشرون الف طالب حتي الأن تقدموا للالتحاق بكلية الشرطة لنختار من بينهم 1600 طالب تقرر قبولهم هذا العام ) .
( ولكن هذا العدد ليس من العشرين الفا وإنما ممن وصلوا إلي كشف الهيئة وعددهم لا يزيد عن 4 أو 5 الاف طالب بعد أن تعثر في الكشف الطبي أكثر من 10 او 12 الف طالب علي وجه التحديد الامر الذي يشير إلي تدهور صحة أبنائنا ) .
( نحن لا ننكر المجاملة ولكن في ضوء توافر عناصر وشروط القبول بالكلية . ولكن لن أقبل طالبا أوصي به وزيرا أو نائب دون تحقق الشروط نحن لا نجامل إلا في حدود الضوابط المسموح بها والمتعارف عليها ) .
( ولا ريشة ولا حاجة نحن نمرة 3 في الاهتمام ولكن طباخ السم بيدوقه فهذا الضابط الذي افني عمره وجهده في هذا المجال ولديه ابن يتوافر فيه الشروط فلماذا لا أقبله لتكملة مسيرة والده وفقا للقواعد ) .
( لا - هناك عدد كبير من أبناء الضباط لم يدخلوا الكلية في العام الماضي بنسبة15 % من المتقدمين لعدم توافر الشروط في الطول أو المجموع أو رسب طبيا من عددهم لا يقل عن 400 طالب).
( فجميع فئات المجتمع عندنا وكذلك جميع وظائف أولياء الامور من رجال أعمال إلي مدرسين وأطباء وقضاء وشرطة وإعلاميين ومسئولين من المستوي الرفيع . جميع فئات الشعب ممثلة داخل الكلية بعنصري الأمة من مسلمين ومسيحيين) .
طباخ السم بيدوقه
1- بداية ليس المقصود من هذا المقال التعرض لهيئة الشرطة ولا وزارة الداخلية لأن ثقافة الحياة اليومية في مصر أصبحت تتلخص في ( طباخ السم بيدوقة ) وهذه الظاهرة المرضية ليست مقصورة علي كلية الشرطة بل في جميع الوظائف المرموقة فعلي سبيل المثال فقد كتب الاستاذ أحمد الصاوي مقال بجريدة المصري اليوم بعنوان (المستشار مقبول ) ذكر فيه أن 150 طالبا من أبناء القضاء والمستشارين تم تعينهم في السلك القضائي رغم حصولهم علي تقدير مقبول . وكذلك نشرت جريدة الأخبار أن 15 طالبا ممن حصلوا علي تقدير جيد حصلوا علي أحكام قضائية بأحقيتهم في التعين ورفض مجلس الدولة تنفيذ الأحكام !! وإن من تم تعينه فعلا لم يقتصر علي حصوله علي تقدير مقبول بل أن بعضهم أمضوا 6 و 8 سنوات في الكلية أي رسبوا سنتين وأربع سنوات ومع ذلك تم تعينهم مجاملة لأبائهم .
2 – بمنطق ( طباخ السم بيدوقه ) يصبح من حق الإعلامي أن يعين ابنه في مجال الإعلام لأنه افني عمره في خدمة الإعلام ومن حق أستاذ الجامعة أن يعين ابنه ومن حق رجل البنوك أن يعين ابنه .... الخ فماذا يبقي من الوظائف المرموقة للمتفوقين من أبناء الشعب المنتمين للأسر البسيطة.
3 – القول بأن المجاملات تتم في ضوء توافر شروط القبول .
أولا : فيه اعتراف صريح بالمجاملات ( الكوسة بالتعبير الشعبي) .
ثانيا : أما عن توافر الشروط فإن المستفيدين من المجاملات (الكوسة) هم الذين يضعون هذه الشروط ولذلك يتلاعبون بها . ومن أمثلة التلاعب تحديد درجة القبول بكلية الشرطة ب 65% أي السماح للطلبة الفاشلين باستيفاء شروط الالتحاق حتي يتمكن أباءهم أو الوزراء ونواب مجلس الشعب من الحاق من يرغبون في مجاملاتهم . لماذا لا يكون الحد الادني للقبول 80% علي الأقل حتي نضمن انتقاء عناصر لا أقول متفوقة بل علي الأقل غير فاشلة .
4 – إن نسبة القبول بالنسبة لأبناء الضباط بلغت 85 % من المتقدمين في حين بلغت نسبة المقبولين إلي نسبة المتقدمين بالنسبة لباقي فئات الشعب 8% فقط (بقسمة 1600 المقبولين علي 20000 المتقدمين بفرض أن جميع المقبولين من فئات الشعب) . فأين تكافؤ الفرص وأين العدل ؟ وبتطبيق نفس المنطق (طباخ السم بيدوقه ) نستطيع أن نصل إلي نتيجة مؤكدة أن نسبة فرص ابناء العاملين في جميع الوظائف تصل أيضا إلي 85 % في حين باقي أبناء الشعب تصل إلي 8 % فقط .
5 – كيف في مجتمع رسخت فيه ثقافة ( طباخ السم بيدوقه ) تسعي الدولة إلي إلغاء مكتب التنسيق للقبول في الجامعات أو بالأسلوب الناعم جعل مكتب التنسيق أحد المؤشرات للقبول ويضاف إليه ( اختبار – كشف هيئة – شروط اخري ... الخ ) وبالتالي يحدث في كليات الطب والهندسة والاقتصاد والعلوم السياسية والإعلام .... الخ (كليات القمة ) ما يحدث في كلية الشرطة ( مجاملات في ضوء توافر عناصر وشروط القبول بالكلية أو مجاملات في حدود الضوابط المسموح بها والمتعارف عليها حسب تعبير السيد رئيس أكاديمية مبارك للأمن – الكوسة حسب التعبير الشعبي ) .
6 – منذ أكثر من عشرين عاما سافرت للعمل بدولة خليجية وبعد مرور ثلاثة شهور من التعيين احتاجت جهة العمل إلي دفعة جديدة للتعين فاشترطت الوزارة علي الدفعة الجديدة أن لا يكون لهم قريب من الدرجة الاولي يعمل بالوزارة ومن يخالف ذلك يفسخ عقدة ويرحل إلي بلدة ووقعوا اقرارات بذلك وتم التنفيذ علي المخالفين . وذلك حماية لمصلحة العمل من المجاملات التي تحدث بين الأباء والأقارب خصوصا الأبناء .
7– منذ أربع سنوات حصلت أبنتي الكبري علي الثانوية العامة بمجموع يؤهلها للالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أو الإعلام .... ولكن والحمد لله أنها اقتنعت بوجهة نظري فقد قلت لها يا ابنتي أبيك ليس من السلك الدبلوماسي وليس من الإعلاميين ولكنه من عامة الشعب فمهما حصلتي علي تقدير لن تلتحقي بالعمل المرموق الذي تسعين إليه !! با ابنتي التحقي بكلية الألسن فإنها حتي الآن يمكن لخريجها الجيدين أن يشقوا طريقهم بنجاح دون الحاجة إلي (كوسة والدهم) والحمد لله اقتنعت . ولكن ماذا سيكون الموقف لو لم تقتنع ودخلت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أو الإعلام وتخرجت بتقدير ممتاز وفشلت أو بالأصح فشل والدها في الحاقها بالعمل الذي تستحقه ... هذه ليست قصتي ولا قصة أبنتي ولكنها قصة كل أسرة بسيطة مكافحة لا تجد سبيلا إلي التقدم والرقي وإن تفوقت علميا بسبب ثقافة ( طباخ السم بيدوقة ) المستشري في جميع مؤسسات الدولة لا كلية الشرطة فحسب .
8 – إن الانتماء للوطن والفساد لا يجتمعان في شعب أبدا .... وما لم يتحقق تكافؤ الفرص بين جميع أبناء الشعب سيزداد الفساد وينعدم الانتماء. ولن يتحقق تكافؤ الفرص إلا بقرار رئاسي يمنع تعيين أبناء العاملين في جميع مؤسسات الدولة المرموقة منها والغير مرموقة . ومن أراد أن يعين ابنه عليه أن يستقيل فورا .
فهل يصدر هذا القرار ؟؟

No comments: